أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة : الصوم ومكارم الأخلاق ، للشيخ عمر مصطفي

خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023م بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق، للشيخ عمر مصطفي، بتاريخ 2 رمضان المبارك 1444هـ ، الموافق 24 مارس 2023م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023م بصيغة word بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق ، للشيخ عمر مصطفي

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023م بصيغة pdf بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق ، للشيخ عمر مصطفي

 

 

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023م ، بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق ، للشيخ عمر مصطفي.

 

أولًا: مـــرحـــبًا رمضـــــان.

 ثانيًا: رمضانُ مدرسةُ الأخلاقِ.

ثالثًا: احرصْ علي رأسِ مالِك.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023م ، بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق ، للشيخ عمر مصطفي ، كما يلي:

 

الصومُ ومكارمُ الأخلاقِ

2رمضان1444هـ –  24مارس 2023م

الحمدُ للهِ الذي خصَّ شهرَ رمضانَ بالفضائلِ والإحسانِ، وجعلَهُ موسمًا لنيلِ العفوِ والغفرانِ، أنزلَ فيهِ القرآنَ هديً للناسٍ وبيناتٍ مِن الهدَي والفرقانِ، أحمدُهُ علي نعمهِ التي لا تزالُ تتوالَي علي العبادِ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، أوجبَ علي العبادِ صومَ شهرِ رمضانَ؛ ليضاعفَ لهُم الأجورَ ويغفرَ الذنوبَ والأوزارَ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ كانَ يخصُّ شهرَ رمضانَ بمزيدٍ مِن الطاعاتِ مِن صلاةٍ وتلاوةِ قرآنٍ وصدقةٍ وإحسانٍ صلَّي اللهُ عليه وعلي آلهِ الأطهارِ وأصحابهِ الأبرارِ ما تعاقبتْ الشهورُ وتوالتْ الأزمانُ وسلمْ تسليمًا كثيرًا .

 أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة

أولًا: مـــرحـــبًا رمضـــــان.

عبادَ اللهِ لقد أظلّكُم شهرٌ كريمٌ مباركٌ موسمٌ مِن مواسمِ الخيراتِ تتضاعفُ فيه الحسناتُ وترفعُ فيه الدرجاتُ وتُقالُ فيه العثراتُ تفتحُ فيه أبوابُ الخيراتِ والبركاتِ، شهرُ المنحِ والعطايا والهباتِ، قرعَ أبوابَنَا  ضيفٌ كريمٌ جاءَ ليكرمنَا فهلمُّوا عبادَ اللهِ لاغتنامِ هذه الفرصةِ، تعرضُوا للنفحاتِ، فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ الدَّهْرِ نَفَحَاتٌ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ نَفْحَةٌ فَلَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا»(الطبراني في المعجم الأوسط).

عبادَ اللهِ:  شهرُ رمضانَ بمثابةِ سوقٍ يُتيحهُ اللهُ لعبادهِ كلَّ عامٍ ليتاجرُوا فيهِ مع ربِّهِم، تفتحُ فيهِ أبوابُ الجنةِ، وتُغلقُ فيهِ أبوابُ النارِ، وتصفدُ فيهِ الشياطينُ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ.(سنن الترمذي).

عبادَ اللهِ: مَن خسرَ في رمضانَ فقد خسرَ، ومَن ربحَ فيهِ فقد ربحَ، فرمضانُ فرصةٌ لا تعوضُ، لا تدرِي هل تدركُ رمضانَ آخرَ أم لا،  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَقَى الْمِنْبَرَ فَقَالَ: آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ، قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا كُنْتَ تَصْنَعُ هَذَا؟ فَقَالَ: قَالَ لِي جِبْرِيلُ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا لَمْ يُدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَقُلْتُ: آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: آمِينَ.(الأدب المفرد). ورَغِمَ أنفهِ أي: خابَ وخسرَ.

وعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلَيْنِ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ إِسْلاَمُهُمَا جَمِيعًا وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْ صَاحِبِهِ فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ ثُمَّ مَكَثَ الآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّىَ قَالَ طَلْحَةُ فَرَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّى عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِهِمَا وَقَدْ خَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَذِنَ لِلَّذِى تُوُفِّىَ الآخِرَ مِنْهُمَا ثُمَّ خَرَجَ فَأَذِنَ لِلَّذِى اسْتُشْهِدَ ثُمَّ رَجَعَا إِلَىَّ فَقَالاَ لِى ارْجِعْ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ . فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ فَعَجِبُوا لِذَلِكَ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ « مِنْ أَىِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ » . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا كَانَ أَشَدَّ اجْتِهَاداً ثُمَّ اسْتُشْهِدَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَدَخَلَ هَذَا الْجَنَّةَ قَبْلَهُ . فَقَالَ « أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً » . قَالُوا بَلَى . « وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَهُ » قَالُوا بَلَى . « وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا سَجْدَةً فِى السَّنَةِ » قَالُوا بَلَى . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ « فَلَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ »(مسند أحمد).

العنصر الثاني من خطبة الجمعة

ثانيًا: رمضانُ مدرسةُ الأخلاقِ

عبادَ اللهِ: إنَّ للأخلاقِ في الإسلامِ أهميةً كبيرةً، بل إنَّ النبيَّ ﷺ جعلَها الغايةَ العظمَي والهدفَ الأسمَي مِن بعثتهِ، فعَن أَبِي هُرَيرةَ رضي اللهُ عنه، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال: إنَّما بعثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاقِ.(مسند البزار).

و العباداتُ في الإسلامِ شُرعتْ لغاياتٍ عظيمةٍ وأهدافٍ نبيلةٍ، منها: ديمومةُ الصلةِ بينَ العبدِ وربِّهِ، وتهذيبُ النفوسِ، وتزكيةُ القلوبِ، وتطهيرُ الجوارحِ، فتصل بأصحابِهَا إلي أعلي الدرجاتِ.

ومِن هذه العباداتِ: صيامُ شهرِ رمضانَ المباركِ وما تضمنهُ مِن قرباتٍ، فالمسلمُ يتربَّي فيهِ علي التحلِّي بمكارمِ الأخلاقِ .

*فالصيامُ يُربِّي فينَا التقوَي التي جعلَهَا اللهُ الغايةَ مِن الصيامِ قالَ تعالَي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )(183)(البقرة)، والتقوَي هي التي تضبطُ سلوكَ المسلمِ فتجعلهُ يُراقبُ ربَّهُ في كلِّ أعمالهِ الظاهرةِ والباطنةِ في كلِّ حركاتهِ وسكناتهِ، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: اتَّقِ اللهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ.(سنن الترمذي).

والتقوي هي الزادُ الحقيقيُّ الذي يعدهُ العبدُ للقاءِ ربِّهِ قالَ تعالي : (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ )(197)(البقرة).

وللهِ درُّ القائلِ:

كلُّ حيٍّ سـيـــمـــــــــــــــــوتُ                    ليس في الدنيا ثبوتُ

حركاتٌ سوفً تفنَي                    ثم يتلــــــــوهَا خفـــــــــــوت

وكلامٌ ليــس يحـــــــــــــلُو                     بعـــــدَهُ إلّا السكـــــــــوت

أيُّها السادرُ قــــــلْ لي                      أين ذلك الجبروت

كنت مطبوعًا علي               النطقٍ فما هذا الصموت

إنَّمــــا الدنـــــــــيا خـــــــــيالٌ                     باطلٌ سوف يفوت

ليس للإنسانِ فيها                     غيرَ تقوَي اللهِ قوت

*والصيامُ يُربِّي فينَا الصبرَ وهو ترويضٌ للنفسِ وتهذيبٌ للغرائزِ، فالصومُ الحقيقيُّ يجعلُ صاحبَهُ أوسعَ الناسِ صدرًا، وأطهرَ الناسِ لسانًا، وأبعدَ الناسِ عن الشرِّ وإذا رأي زلةً احتملَهَا، وإنْ وجدَ إساءةً صبرَ عليها، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: قَالَ اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلاَّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ، وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ)(صحيح البخاري)، والامتناعُ عن الطعامِ والشرابِ والشهوةِ يحتاجُ إلي صبرٍ، فالصيامُ يجمعُ أنواعَ الصبرِ الثلاثة.

تابع / خطبة الجمعة

قال ابنُ رجبٍ رحمَهُ اللهُ: ومِن أفضلِ أنواعِ الصبرِ: الصيامُ، فإنَّهُ يجمعُ الصبرَ على الأنواعِ الثلاثة؛ لأنَّهُ صبرٌ على طاعةِ اللهِ عزّ وجلّ، وصبرٌ عن معاصِي اللهِ؛ لأنَّ العبدَ يتركُ شهواتِهِ للهِ، ونفسُهُ قد تنازعهُ إليهَا، ولهذا في الحديثِ الصحيحِ: «إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ: كلُّ عملِ ابنِ آدمَ لهُ إلَّا الصيام، فإنَّه لِي وأنًا أجزِي بهِ، إنَّه تركَ شهوتَهُ وطعامَهُ وشرابَهُ مِن أجلِي» ، وفيهِ أيضًا صبرٌ على الأقدارِ المؤلمةِ بما قد يحصلُ للصائمِ مِن الجوعِ والعطشِ، وكان النبيُّ ﷺ يُسمِّي شهرَ الصيامِ شهرَ الصبرِ. وقد جاء في حديثِ الرجلِ مِن بني سليمٍ «عن النبيِّ ﷺ: أنَّ الصومَ نصفُ الصبرِ»(جامع العلوم والحكم). وجزاءُ الصبرِ لا يعلمهُ إلّا اللهُ، فالعطيةُ علي قدرِ المعطِي ، والمعطِي هو اللهُ قالَ تعالي 🙁 إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (10)(الزمر).

*والصيامُ يربِّي فينَا كذلك خلقَ العفوِ والحلمِ وكظمِ الغيظِ: (فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ)(صحيح البخاري). وهذه الأوصافُ التي أثنَي اللهُ علي مَن يتصفُ بها، قال تعالي :(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )(134)(آل عمران) ، وقال تعالي : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا )(63)(الفرقان ). أي: إذا تعرضَ لهُم غيرُهُم مِن الناسِ بسوءٍ ردُّوا عليهِ بالخيرِ، وألقُوا قولًا فيهِ سلامٌ وتسليمٌ، وفيه العفوُ والصفحُ، فهم يقابلونَ السيئةَ بالحسنةِ.(التفسير الواضح).

*وكمَا أنَّ رمضانَ يربينَا علي التحلِّي بمكارمِ الأخلاقِ فإنَّهُ يُربينَا أيضًا علي التخلِّي عن مساوئِ الأخلاقِ: إنَّ الصيامَ في حقيقتهِ هو التقربُ إلي اللهِ بتركِ الحلالِ مِن طعامٍ وشرابٍ وشهوةٍ، وتركُ الصائمِ لهذه المباحاتِ لا يأتِي إلّا بعد تركِ الحرامِ وإلّا فما فائدةُ الصيامِ وما هو أثرهُ علي صاحبهِ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»(صحيح البخاري).فإذا لم يتركْ الصائمُ قولَ الزورِ والعملَ بهِ فلا ثوابَ لهُ علي صيامهِ ولا داعِي لأنْ يتركَ طعامَهُ وشرابَهُ، فإنَّ الطعامَ والشرابَ حلالٌ، وقولَ الزورِ حرامٌ فهل يتركُ الحلالَ ويفعلُ الحرامَ ويظنُّ أنَّه صائمٌ؟

 وفي هذا تحذيرٌ مِن المحرماتِ، ومنها قولُ الزورِ وليس المعنَي المقصودُ ترك الصيامِ.

 إنَّ الكثيرَ مِن أهلِ زمانِنَا ظنُّوا أنَّ الصيامَ امتناعٌ عن الطعامِ والشرابِ فحسب، وهذا خطأٌ فادحٌ، فالصيامُ شُرِعَ لتهذيبِ الأخلاقِ وتطهيرِ النفوسِ فربَّ صائمٍ امتنعَ عن الحلالِ وأتعبَ نفسَهُ ولا أجرَ لهُ؛ لأنَّهُ ضيّعَ الثوابَ بفعلِ الحرامِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ الْجُوعُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ السَّهَرُ.(سنن ابن ماجة).

إنَّ الصيامَ الحقيقيَّ صيامٌ عن شهوتيِ البطنِ والفرجِ وتركِ المحرمات؛ لأنَّها تحبطُ الأعمالَ وتضيعُ الأجرَ والثوابَ، الصيامُ الحقيقيُّ صيامُ الجوارحِ عن المحرماتِ، قَالَ جَابِرٌ رضي اللهُ عنه : «إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَآثِمِ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَيَوْمَ صِيَامِكَ سَوَاءً»(مصنف ابن أبي شيبة ).

وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي اللهُ عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: ” مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَعَرَفَ حُدُودَهُ، وَتَحَفَّظَ مِمَّا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَفَّظَ فِيهِ، كَفَّرَ مَا قَبْلَهُ “(مسند أحمد).

العنصر الثالث من خطبة الجمعة

ثالثًا: احرصْ علي رأسِ مالكِ

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي اللهُ عنه  ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : لاَ تَزُولُ قَدِمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ : عَنْ عُمُرُهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ ؟ وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ ؟.(المعجم الكبير للطبراني).

إنَّ العمرَ هو رأسُ مالِ العبدِ الذي يتاجرُ بهِ مع اللهِ، هو بضاعتهُ ومَن فَقَدَ رأسَ مالهِ أو بضاعته، ولم يحققْ ربحًا فهو مِن الخاسرين، قال تعالي 🙁 أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) (116)(المؤمنون)وقال تعالي 🙁 أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى )(36)(القيامة).فاحذرْ أنْ تنشغلَ عن الآخرةِ، لأنِّك إنْ لم تستيقظْ الآن لن تستيقظَ إلَّا وأنتَ في معسكرِ الموتَي، فالأيامُ تجرِي والعمرُ يمرُّ، فلا تضيعهُ وخاصةً إذا كان هذا زمانٌ مباركٌ كرمضانَ وما فيهِ مِن خيراتٍ وبركاتِ، وفيه ليلةٌ هي خيرٌ مِن ألفِ شهرٍ فالبدارَ البدارَ.

 لقِيَ الفضيلُ بنُ عياضٍ رجلًا، فقالَ لهُ الفضيلُ: “كم عُمُرك ؟

قالَ الرجلُ: ستونَ سنةً.

قالَ الفضيلُ: إذًا أنت منذُ ستينَ سنةً تسيرُ إلى اللهِ توشكُ أنْ تصلَ إليهِ.

فقالَ الرجلُ: إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعون.

قالَ الفضيلُ: هل تعرفُ معناهَا.

قال: نعم أعرفُ أنِّي عبدٌ للهِ وأنِّي إليهِ راجعٌ.

فقالَ الفضيلُ: يا أخِي ، مَن عرفَ أنَّهُ عبدٌ للهِ، وأنَّهُ إليهِ راجعٌ فليعلمْ أنَّهُ موقوفٌ بينَ يديهِ، ومَن علمَ أنَّهُ موقوفٌ بينَ يديهِ  فليعلمْ أنَّهُ مسئولٌ، ومَن علمَ أنَّهُ مسئولٌ فليعدَّ للسؤالِ جوابًا.

فبكَى الرجلُ وقال ما الحيلةُ يا فضيلُ ؟

قال الفضيلُ: يسيرةٌ.

قال وما هي يرحمُكَ اللهُ ؟

قال : تُحسنُ فيمَا بقىَ ، يغفرُ اللهُ لكَ ما قد مضىَ وما بقىَ.

فإنَّك إنْ أسأتَ فيمَا بقىَ أُخذتَ بمَا مضىَ وما بقىَ.

عبادَ اللهِ: علينَا جميعًا أنْ نغتنمَ هذه الأيامِ المباركةِ في فعلِ الطاعاتِ والازديادِ مِن الحسناتِ والبعدِ عن المعاصِي والسيئاتِ، لنرقَي في الدرجاتِ ونزدادَ قربًا مِن ربِّ البريات.

أسألُ اللهَ أنْ يباركَ لنَا في رمضانَ وأنْ يرزقنَا فيهِ فعلَ الخيراتِ وتركَ المنكراتِ، كما أسألهُ أنْ يجعلَ مصرَ أمنًا أمانًا سخاءً رخاءً  وأنْ يحفظَهَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوء.

وآخرُ دعوانَا أنْ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.

كتبه راجي عفو ربه عمر مصطفي

 

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »
error: Content is protected !!